Love me
عدد المساهمات : 7 تاريخ التسجيل : 21/12/2009 العمر : 30
| موضوع: يوم الخميس الإثنين ديسمبر 21, 2009 11:35 am | |
| يوم الخميس
ما زلت أذكر ذلك الشتاء مع أنه قد مضى عليه 11 سنة كنت يومها في السابعة من عمري و أختي الصغرى رشا كانت في الخامسة كانت السعادة تسكب ألوانها على بيتنا لا خلاف لا نزاع لا مشاكل ووسط هذة السعادة قرر والدنا أن يأخدنا في يوم العطلة إلى إحدى الجبال الثلجية في بلادنا كانت فرحتنا لا توصف فنحن لم نر الثلج من قبل. أعددنا حاجات الرحلة وانطلقنا بسيارتنا إلى مبتغانا. عند وصولنا دهشنا من ذلك المنظر. الشتاء يسدل ثوبة على كل شيء الجبال.الأشجار.البحيرات المتجمدة... كأننا في عالم الأحلام. انزل أبي حاجات الرحلة من السيارة وجلس هو و أمي وانطلقنا انا وشوشو نتراشق بكرات الثلج ونلعب ونلهوا فوق الهضاب وتسابقنا عدة مرات ولعبنا ولعبنا ومضي الوقت سريعاً وحل الشفق ضيفاً على السماء ثم نامت الشمس ليصحو القمر كنا أنا وشوشو على إحدى التلال الثلجية نبني قصراً من الثلج . ثم تلفتنا حولنا ... نحن وحدنا ... إين أمي أين أبي؟ الصمت يسود المكان لقد ابتعدنا كثيراً سرنا مسافة طويلة وظللنا ننادي .. أمي !! أبي !! ولكن بلا جدوى. سألتني شوشو بصوتها البريء: ريان أين أمي و أبي ؟ خشيت أن أخبرها أننا ضعنا فتنفجر بالبكاء فبقيت صامتاً وأمسكت بيدها لنتابع السير. واشتد الكرب. هبت رياح داهمتنا إنها شديدة لقد بدأت هذة رياح عاصفة ثلجية. كانت تلك أصعب لحضات حياتي غيوم .. ظلام .. ثلج .. خوف .. رياح العصفة تتلاطم وتتخبط هنا وهناك بدأت أتخيل ماذا سيحدث لنا . سوف نموت . الثلج سيغطينا ووالدانا سيبحثان عنا وسيفقدان الأمل في إجادنا. صرت أبكي بمرارة وبعد برهة نظرت إلي شوشو إنها تبكي وتمسك بثيابي عندها تسابقت على مسامعي كلمات أمي ووصايا أبي عندما كانا يغيبان عن المنزل (ريان .. أنت الآن الأخ الأكبر ونحن نعتمد عليك في الاهتمام بشوشو أنت رجل البيت فلا تخدلنا يا صغيري) فمسحت دموعي وأمسكت بيد شوشو وقلت لها : لا تخافي سوف نجد والدينا . تعالي معي . وحملتها بين يدي وتابعنا المسير. ووسط تلك الدوامة المخيفة لاحت سحابة لنا سحابة دخان. تلك الغمامة كانت من مدخنة منزل جبلي صغير اقتربنا منه وطرقنا الباب ففتح لنا رجل عجوز تظهر عليه آثار الزمن . ابتسم لنا وطلب منا الدخول أجلسنا قرب المدفئة وأعطانا غطاءً دافئاً وكوبا من الحليب ثم هدأنا وعرفنا بنفسه . يدعى زاهر ويعيش وحده في هذا المنزل بعد وفاة زوجته كان لطيفاً جداً وأراد مساعدتنا بعد أن أخبرناه بقصتنا وقال : سوف نخرج جميعاً بعد أنتهاء العاصفة لنبحث عن والديكما . استمرت العاصفة ساعات وساعات وعند بزوغ الفجر هدأ كل شيء. فخرجنا مع العم زاهر و بحثنا في كل مكان ولكن بلا فائدة كان المكان هادئاً وكأن شيئاً لم يكن . تابعنا البحث ثم عدنا وفقدنا الأمل. بكينا أنا وشوشو كثيراً في ذلك اليوم بالرغم من محاولات العم زاهر لتهدأتنا. لم يكن يستطيع فعل أي شيء فقد كنا أصغر من أن نتذكر عنوان منزلنا ولكن لن أنسى وقفة العم زاهر إلى جانبنا فقد عرض علينا أن نبقى عنده حتى نجد والدينا . غرقنا في بحر عطف ذلك الرجل كان يعاملنا وكاننا أبناؤه وشعرنا أنه مثل والدنا وعشتا معه أياماً لا تنسى . كبرنا وحب العم زاهر يكبر في قلوبنا مرت 10 سنوات وكأنها ساعة من نهار . أصبحت أنا في 17 وشوشو في 15 ولكن .. بعد كل تلك اللحضات السعيدة تركنا العم زاهر . تركنا و رحل عن الدنيا . أوصاني بأن أذهب إلى المدينة وأعيش هناك أنا وشقيقتي. قبضته شدت على يدي عندما أوصاني بها فأنا أخوها الأكبر نفذنا الوصية. ذهبنا إلى المدينة واستأجرنا منزلاً واستطعنا منابعة حياتنا ولكن الفراغ الذي تركه العم زاهر سيظل في قلوبنا . كنا أنا أعمل في إحرى الشركات التجارية وشوشو كانت تعمل في دار للعجزة والمسنين فقد كانت رقيقة وطيبة القلب . الأيام كانت تمر ببطء دون أي جديد يذكر. إلى أن جاء ذلك اليوم كانت شوشو في عملها تهتم بكبار السن و ترعاهم وفي لحظة سمعت صوتاً كانت قد سمعته قبل 11 سنه . نظرت فإذا هي أمي و أبي بجانبها إنهما والدانا ... ارتمت شوشو في احضان تلك الأم الحنون وقالت لها بفرح :أمي !! هذي انا شوشو الصغيرة . لم تتمالك أمي نفسها فبدأت بالبكاء وأبي مانت تسيل الدموع من عينيه بالرغم من ابتسامة حلوة تعلو وجهه. اخذنا والدينا إلى منزلنا لنعيش حياة ملؤها بر الوالدين بعد أن فقدنا نبع الحنان الصافي مدة 11سنه ولكن لن ننسى العم زاهر بعد الله في نجاتنا من ذلك الإعصار... هطل الثلج بغزارة في ذلك اليوم ليكتب القصل الأخير من حكلية الفراق... ومن الغريب أن يوم لقائنا كان يوم الخميس .. نفس اليوم الذي افترقنا فيه !!
| |
|